مذهب الإمام ابن حنبل في البناء على القبور

قال أبو داود في مسائله: "سمعت أحمد قال: لا يزاد على القبر من تراب غيره إلا أن يستوى بالأرض فلا يعرف. فكأنه رخص إذ ذاك" اهـ

وقال أبو داود في مسائله: "سمعت أحمد سُئِلَ عن تطيين القبور؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس" اهـ

فمذهب أحمد، النهي عن أن يزاد تراب من غير تراب القبر، إلا إذا كان ترابه قليلاً جداً، يمنع من رفعه وتسنيمه قدر شبر، فعندئذ يجيز أن يزاد على القبر من تراب غيره، فكيف بمن يريد أن يبني عليه أو يجصِّص، لا شك أن هذا أشد كراهة ونهياً عند أحمد.

وقال إسحاق بن منصور الكوسج في مسائله:" قلت - أي: لأحمد - : تسوية القبور؟ قال: لا أدري. قال إسحاق: السنة أن يسوى القبر إلا أن يكون مسنمًا قليلًا" اهـ

وقال إسحاق بن منصور في مسائله: "قلت - أي: لأحمد - : أتكره أن يُضرب على القبر فسطاط؟ قال: إي لعمري. قال إسحاق: إذا تُخوف على نبش القبر، فإن فعلوا فلا بأس، فأما للتعظيم فلا" اهـ

وقال صالح بن حنبل في مسائله: "وقال - أي: أحمد - في القبر: أعجب إلي أن يكون مسنمًا" اهـ

وقال صالح بن حنبل: "وسألته عن تطيين القبور وتجصيصها؟ فقال: أما التجصيص مكروه، والتطيين أسهل" اهـ

وقال ابن هانئ في مسائله: "وسمعته يقول: ما أدري ما تسوية القبور" اهـ

وروى ابن أبي يعلى، عن أبي حامد الخفاف، أنه قال: "سُئل أحمد عن القبور مرتفعة أحب إليك، أو مسنَّمة؟ قال: مسنَّمة، مثل قبور أحد، مسنمة حثى" اهـ

قال ابن مفلح في الفروع: "ولا بأس بلوح، نقله الميموني، ونقل المروذي: يكره، ونقل الأثرم: ما سمعت فيه بشيء، وحمله صاحب المحرر على اللوح المعتاد، وهو ما فيه كتابة أو نقوش، أو على اللوح في جوف القبر، لترك سنة اللبن والقصب، قال له مهنا: يكره في القبر خشب؟ قال: نعم، قلت: والألواح فيه؟ قال: نعم" اهـ

قوله: "نقله الميموني" و "ونقل المروّذي" و "نقل الأثرم" كل ذلك يراد به، أنهم نقلوا ذلك عن أحمد بن حنبل، ومهنّا، هو مهنّا الشامي.

وقال ابن مفلح في الفروع: "المنقول في هذا ما سأله أبو طالب عمن اتخذ حجرة في المقبرة لغيره، قال: لا يدفن فيها، والمراد لا يختص بها، وهو كغيره" اهـ

قلت: فكل من بنى على القبور أو بنى المساجد على القبور، فليس بحنبلي وابن حنبل منه براء.

بعد هذا، يأتيك من قلّ عقله وباع دينه، فيأتي بأقوال أقوامٍ من أهل الأهواء والبدع والزيغ والضلال، ممن ينتسب إلى مدرسة هذين الإمامين الجليلين، ويجيز البناء على القبور، وربما استحسنه وحثّ عليه، ثم يقول: انظروا أئمة المالكية والشافعية يجيزون البناء على القبور. ليضلّ الناس عن هدي الله ورسوله!! وأما الأحاديث الصحاح، التي رواها أئمة السُنَّة، فقد قمعت أولئك القبوريَّة قمعاً لم يمكنهم معها إلّا التكذيب بها والطعن في صحتها، مع كونها مسلسلة بالثقات!! وهي فضيحة أخرى تنظم إلى فضائحهم الكثيرة، في زيف ادعائهم لمذهب أهل السنة ونصرتها!